Tahrir news

أسسها   إنجي الحداد محمــد توفيـــق مدير التحرير محمــد شحاتة
الأعداد
اليومية
لحظة
بلحظة
9999
8981
1666
السبت، ٥ سبتمبر ٢٠١٥
مدير التحرير محمد شحاتة
أسسها   أنجي الحداد محمــد توفيـــق

سنوات الخطر مع عبد الناصر

كتبت السيدة تحية عبد الناصر قصتها مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ‬بعنوان "ذكريات معه" وهو عنوان رقيق هادئ يشبه شخصيتها التي عاشت في الظل، بينما زوجها "الزعيم" حديث الدنيا وشاغل الناس.

قد يكون العنوان المناسب للمذكرات هو "سنوات الخطر" لكن السيدة تحية ربما أرادت بهذا العنوان أن تبتعد عن السياسة، فيكون الكتاب مجرد ذكريات، لكنها دخلت إلى قلب السياسة، لأنه لا يمكن الحديث عن عبد الناصر بعيدًا عن السياسة.

تقول السيدة تحية: تزوجت عبد الناصر بعد فترة خطوبة خمسة شهور ونصف، كان خلالها يصطحبني للسينما أو المسرح ويكون معنا شقيقتي وزوجها، وتزوجنا في شقة ٥ حجرات وصالة وخرجنا بعد ثلاثة أيام من الزواج.

واكتشفت بعد الزواج أن عبد الناصر منظمًا في كل شئ، ولا يحب أن يساعده أحد في إرتداء ملابسه وعند عودته للمنزل يخلع بدلته ويعلقها بنفسه علي الشماعة.

وتقول في حرب فلسطين أرسل لي ٤٦ خطابًا، وفي هذه الفترة لم نكن نملك تليفونًا في منزلنا وكان يكلمني في شقة أخي. وعندما حدث حصار الفالوجا كان يرسل الخطابات مع أحد "العرب" بعد أن يدفع له خمسين جنيهًا.

بعد عودته من فلسطين لم يخلو البيت من وجود الأسلحة منها الحجم الكبير أي المدافع، التي لا يمكن وضعها في دولاب، كنت أضعها في ركن من حجرة السفرة ولا تبقي طويلا، يوم أو يومان وتختفي واستريح، ثم يصلنا غيرها، وكانت هذه الأسلحة تذهب للسويس.

كل شئ في المنزل كان محظورًا هكذا تقول ولا يبعث على الاطمئنان، كنت أعرف ذلك ولكني لم أفهم الغاية ولم أجد إلا الحرص على الكتمان.

في الليلتين قبل الثورة لم ينم وظل بملابسه العادية جالسًا في حجرة السفرة علي الترابيزة يشتغل. في الساعة السابعة صباحًا غير ملابسه وقبل خروجه قال (جهزي غداء زيادة لأننا سنجلس كالأمس نصحح أوراق الامتحان).

بعدها قال لشقيقه "الليثي" إنه ذاهب لمهمة خطيرة وإذا رأيتم الجيش نازلًا فاعرفوا أني نجحت وإذا لم تروا شيئا، فاسألوا عني غدًا واعرفوا أنا فين !

ويوم الثورة جاء ثروت عكاشة الساعة السادسة والنصف وهنأني قائلًا: نجح الإنقلاب. فقلت أين جمال؟ فقال في القيادة العامة، واسمعي بيان الساعة السابعة، وسمعنا البيان من السادات، وجاء عبد الناصر في العاشرة مساء وقال إنه سيبقي ساعتين فقط ثم رجع للقيادة، وبعد أسبوع من قيام الثورة دخل التليفون بيتنا.

في أحداث ١٩٥٤ ومؤامرة سلاح الفرسان طلب مني أن أذهب وأبيت عند شقيقيتي في الجيزة خوفًا من تفجير منزلنا.

وتقول: من المناسبات الرسمية القليلة التي حضرتها، خطابه في تأميم قناة السويس الذي لم يكن يعلم به إلا اثنين من الوزراء، وأول سفر معه كان ليوغسلافيا بدعوة من الرئيس تيتو، وكان معنا محمد حسنين هيكل ومحمود فوزي وزير الخارجية وزوجتيهما، كما كنت جانبه عندما جاءه تليفون يخبره بإنفصال الوحدة مع سوريا.

كان عبد الناصر يحب مشاهدة السينما ويعتبرها وقت راحة، وأثناء مشاهدة الفيلم ترسل له مذكرات، ويستعمل الولاعة في قراءتها ويكتب الرد في دقائق ثم يستمر في مشاهدة الفيلم، وأحيانًا يقوم بعد قراءة المذكرة ويذهب لمكتبه، ويقول لي قبل مغادرة حجرة السينما ليستمر عرض الفيلم، ولكني كنت أطلب أن يتوقف الفيلم ويغيب قليلًا ثم يرجع.

قال لي عن السادات: أطيب واحد وبيحبنا ودائمًا يقول السادات لعبد الناصر: أنا لا أنسى فضلك لم أكن في الثورة وأنت بعت لي وجبتني، وكان عبد الناصر يكتب مقالات في جريدة الجمهورية ويوقعها باسم السادات.

وعن لحظة وفاته قالت: كان حاضرًا هيكل وحسين الشافعي ثم حضر السادات. وفي النهاية تقول: لقد عشت ١٨ عامًا لم تهزني رئاسة الجمهمورية ولا زوجة رئيس الجمهورية وسوف لا أطلب منكم أي شئ أبدا، فقط أريد أن يجهز لي مكان بجوار الرئيس لأكون بجانبه، كل ما أرجو أن أدفن بجواره .

فتحية إلى سيدة الظل تحية عبد الناصر التي تعد حالة مصرية خالصة حيث عاشت حياتها بجانب الزعيم دون أن تكون في أي جزء من الصورة، تلك الصورة التي تحلم بها بالتأكيد أي سيدة، لكنها ابتعدت تماما، وهذه تضحية لو تعلمون عظيمة.


للاشتراك في خدمة الرسائل على تليفونك
ارقام فودافون وموبينيل فقط
التعليقات